السياسات المؤثرة على إنتاج وتصنيع وتسويق واستهلاك الألبان ومنتجاتها في السودان
تلعب السياسات التي تنتهجها الدول عموما دوراً كبيراً في مسار الحياة الاقتصادية والاجتماعية وغيرها من أوجه الحياة. وفى بلدان الوطن العربي انتهجت الحكومات العديد من السياسات الإنتاجية والتجارية التي كان لها أثارا ايجابية وأخرى سلبية على قطاع الثروة الحيوانية بصفة عامة وعلى قطاع الألبان بوجه خاص.
ففي السودان اتخذت الدولة العديد من السياسات التي أثرت إيجابياً على قطاع الألبان، ففي مجال الإنتاج عملت الدولة على ترقية المهن البيطرية مما انعكس على زيادة الإنتاج. كما أنشأت الدولة المجالس المتخصصة كالمجلس الاستشاري والزراعي لقطاع الألبان. كما اتبعت الدولة سياسة تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي في قطاع الألبان مما كان له الأثر الإيجابي في زيادة مزارع ومصانع الألبان. كما انسحبت الدولة من مجال الإنتاج وتركت ذلك للقطاع الخاص مما شجعه على الاستثمار. وفى مجالات التسويق والتصنيع فقد قامت الدولة بإنشاء الكثير من مشاريع البنية التحتية من طرق ونقاط مياه شرب واتصالات ومكافحة أمراض مما ساعد في العمليات الإنتاجية والتصنيعية والتسويقية.
كما انتهجت الدولة في السنوات الأخيرة سياسة الاقتصاد الحر مما ساعد في فعالية آلية السوق ودفع عجلة الاستثمار للإلمام. و شجعت الدولة على قيام مصانع الألبان حول المدن وكذا مصانع الأعلاف. ومن السياسات الايجابية الأخرى قيام الدولة في السنوات الأخيرة بالسيطرة على أسعار الصرف والتضخم مما ساعد إيجابياً في استقرار الأسعار وقلل من مخاطر تذبذبها بالنسبة للسلع المحلية والمستوردة وتشجيع الحكومة على قيام الجمعيات والاتحاديات مثل اتحاد الرعاة مما ساعد في دعم القوى الشرائية لأصحاب الثروة الحيوانية.
أما السياسات التي يعتقد بأنها قد أثرت سلبياً على قطاع الألبان فيمكن تلخيصها في ما يلي:
- التركيز على تشجيع الاستثمارات الكبيرة وعدم ايلاء الاهتمام الكافي للمشاريع الصغيرة والتي يشكل إنتاجها ما يقرب من 85% من إجمالي إنتاج الألبان في السودان.
- لم تركز الدولة في سياساتها للتصديق على قيام المشاريع الصغيرة لصغار المنتجين ولم تقدم لها الضمانات التمويلية.
- لم تولى الدولة العناية الكافية للبحوث التطبيقية في مجالات إنتاج وتسويق الألبان.
- عدم وجود سياسة واضحة لتوفير الكادر الإرشادي المؤهل في مجالات إنتاج وتسويق الألبان.
- عدم الاهتمام الكافي بتوفير المعلومات والإحصاءات اللازمة للقطاع.
- غياب وعدم تفعيل التشريعات القانونية والإدارية المتعلقة بضبط الجودة بالنسبة للمنتجين والمصانع الألبان وتشريعات الحد من استعمال الألبان الغير معاملة حرارياً.
- عدم وجود ضوابط كافية وسياسات واضحة للحد من استيراد الألبان المجففة للاستهلاك ولمصانع الألبان.
- عدم وجود سياسة واضحة لتوجيه وسائل الإعلام نحو إعداد وتقديم البرامج التثقيفية الموجهة للمنتجين والمستهلكين خاصة في النواحي الصحية.
أما في مصر فيمكن إيجاز أهم السياسات التي أثرت إيجابياً على قطاع الألبان ومنتجاتها في الآتي:
- أولت الدولة الجاموس اهتماماً خاصاً لكونه المنتج الرئيسي للألبان وذلك من خلال تشجيع البحوث التطبيقية والإرشاد الزراعي.
- شجعت الدولة تكثيف الإنتاج الحيواني في الأراضي الجديدة وشجعت بوجه خاص توجيه الاستثمار في تلك الاراضي.
- اهتمت سياسة الدولة بالتصنيع التقليدي لمنتجات الألبان بواسطة المرأة الريفية.
ومن أهم السياسات التي أثرت سلباً على قطاع الألبان ما يلي:
- عدم الاهتمام الكافي بتقوية برامج الإرشاد الحيواني.
- تعثر برامج التأمين على الماشية وعدم شمولها للقطاع الأكبر من حيوانات اللبن.
- عدم كفاية مساهمات برامج تمويل المشروعات الصغيرة على مستوى القرى مقارنة مع الآمال المعقودة عليها.
- عدم كفاية برامج توعية المزارعين في مجالات الاهتمام بصحة الحيوان وعدم تمكنها من خلق الصلات المطلوبة ما بين المزارعين والأطباء البيطريين. إضافة إلى عدم ايلاء العناية الكافية للأطباء البيطريين وللكلف العالية للعلاج.
وفى سوريا اتخذت الدولة العديد من السياسات التي أثرت إيجابياً على قطاع الألبان من أهمها تشجيع استيراد سلالات أجنبية من الأبقار العالية الإدرار (فريزيان، هويستاين) وتوزيعها على محطات الدولة والجمعيات العلاجية. كما قامت باستيراد طلائق تلقيح اصطناعي ونشر عمليات التلقيح الاصطناعي للأبقار المحلية وفق برامج موجهة أدت إلى زيادة إنتاج الألبان في أكثر من 50% من تلك الأبقار التي يقدر إنتاجها بنحو 2.6 ألف طن في السنة مقارنة مع 0.77 ألف طن في السنة بالنسبة للسلالات المحلية. كما قامت الدولة بتنفيذ مشروع وطني لتحسين أغنام العواس في المراكز الحكومية وإنتاج أكباش تلقيح محسنة وتوزيعها على المزارعين مما أدى إلى زيادة إنتاج رأس الأغنام من 60 كيلوجرام في السنة إلى 120-150 كيلوجرام. وكذلك وفرت الدولة الخدمات البيطرية والرعاية الصحية مجاناً لمواجهة الأوبئة والأمراض. ودعمت الدولة افتتاح شعب للإنتاج الحيواني في كليات الزراعة والمعاهد الزراعية والبيطرية وقامت بتقوية إدارة بحوث الثروة الحيوانية.
هذا وقد اتخذت الدولة الكثير من التدابير والسياسات بغرض التأثير الإيجابي على قطاع الألبان ولكنها لم تحقق الطموحات المطلوبة ومن أهمها محاولة تحسين واقع الأعلاف عن طريق تنمية المراعى المتاحة وإدخال المحاصيل العلفية في الدورات الزراعية في كافة المناطق الملائمة ولكن حتى الآن لم تؤثر هذه التدابير كثيراً على قطاع الألبان وكانت نتائجها دون الطموحات. كما قامت بإنشاء مصانع للأعلاف تنتجها المؤسسة العامة للأعلاف لتقديمها للمزارعين بأسعار التكلفة ولكنها لم تستطيع تأمين الاحتياجات اللازمة لهم نوعاً وكماً. وكذلك عملت الدولة على توفير قروض مدعومة الفائدة لمربي الحيوانات خاصة الأبقار والأغنام ولكنها لم تحقق الهدف المنشود نظرا لصغر قيمها. وكذلك عمدت الدولة إلى إنشاء أكثر من 800 وحدة إرشادية إلا أن خدماتها تعتبر ضعيفة للغاية لقلة خبرة ومعرفة العاملين بها في هذا المجال، وقامت باعتماد سياسة التأمين ضد مخاطر التفوق الحيواني وذلك من خلال تقديم تعويضات مقابل أقساط تأمين محدودة إلا انه وعلى الرغم من صدور القانون الخاص بهذه السياسة منذ عام 2000 إلا أن التنفيذ مازال في مراحله الأولى لصعب تطبيقه.
Other posts
- برنامج رعاية الأبقار الحلابة وإنتاج حليب نظيف
- الإشتراطات العامة لإنشاء المزارع
- المواصفات الفنية لمزارع الدواجن
- التكاليف التسويقية للألبان ومنتجاتها
- كوفيد 19
- ماهي طرق الوقاية من فيروس كورونا
- طرق انتقال التهاب الكبد الوبائي B
- معلومات بسيطة عن مرض التيفوئيد
- كيفية كتابة خطة البحث والتنظيم الشكلي للرسالة العلمية